الأبوذية : ( تُراث وحداثة )

المقاله تحت باب  مقالات و حوارات
في 
24/12/2007 06:00 AM
GMT



في بادئ الحديث وقبل أن أدلو بدلوي لابد من التنويه عن أمر مهم جداً وهو ان الطابع الشعري للأبوذيه بات يأخذ مكانة في مستوىً عالي بحيث أصبحت الابوذية رافداً من روافد الشعر الحديث ولا اقصد إنها كانت آنذاك مهملة بالعكس فشعُرائنا آنذاك كانوا يعتبرون الابوذية شئ لايمكن الابتعاد عنه في ألكتابه ومنهم - الحاج زاير - وأبو معيشي - وكثيرون حفروا أسمائهم في تأريخ كتابة الابوذية بشكلِ مُتقن ولابد للأبوية ان تكون هكذا لان بيت الابوذية ليس فقط ترتيب جناسات مختلفة المعاني متشابهة النسق وتنتهي ببيت القفلّ الذي يُنهيها .
الابوذيه حكاية .. تعبير .. معاناة .. قد تكون واقعية أكثر من القصيدة وهناك أبيات أبوذية تحلُ محل قصائد كبيرة بل أخذت تدور في قراءات غالب متذوقين الشعر والمهتمين بقراءة الشعر الشعبي العراقي ... وأصبحت هذه الابوذيات أبياتا خالدة كُلما قُرأت كأنما كُتبت أمس ..
تداخلت العصور بعد الاضطهاد الذي قمع الشعر الشعبي العراقي في التسعينيات حتى أخذ الشعر يشق طريقه من جديد ما وأن اصبح لبيت الابوذية نكهةً خاصة وأصبحوا شُعرائنا ينسقونه بشكلٍ رائع ومنظر جميل جداً بحيث أصبحت الابوذية فاكهة الشعر الشعبي كبيت قاله احد الشعراء البصريين ..

ينسج على المامش - عنكبوتك
أب والدهـــر جَــرد - عنك أبوتك
فرق شاسـع كبوتـي - عن كبوتك
كبوتي بحسن وأنت بسوء نية

إذا ما ركزنا على تشكيلة وهيكلية هذا البيت لوجدنا انهُ يمتلك من الفلسفة اللغوية والصورة الشعرية الرائعة التي تعطيه لوناً بارزاً وهكذا أصبحت قريحة الشعر الحديث للأبوذيه فأصبحت اليوم عبارة عن صورة ترتقي ارتقاء نستطيع القول بأنهُ الشاعر الشعبي الذي لا يكتب الابوذيه فأنهُ لا يكتب الشعر .
ولقد أنجبت الابوذية الحديثة شكلاً آخر لكتابتها فأُستحدثَ - مشط الابوذية - الذي وجد شعراء أهلا لكتابتهُ بالشكل الذي يجعله نمط مُستحدث يليق بأن يكون بمستوىً يحوز على قُراء كثيرون ولقد كتب شُعرائنا هذا اللون من الابوذية وأجادوا ما كتبوا ..
توّن روحي عليك بليل -وانهار
ودمع صبت عيوني انهار -وانهار
وصرح حبنه بجفاكم طاح -وانهار

وصفه تمثال للعالم -صرحنه
وصفينه حچاية ما تخجل -صرحنه
كلهه تكَول حاچينه -صرحنه
وتترجاك هاي الخلّگ -بس مر
يبسمـار اعله گلب الشوگ - بسمر
ما شفنه الحلاوة وياك -بس مرّ


إلى آخر المشط ......حتى يُقفل ..


فهنا يجدر بنا القول بأن تراث الابوذية هو الذي صنع حداثتها وبنى لهذا اللون من ألكتابه أساساً رصيناً ومسبوكاً حتى أذا سُئل شاعر شعبي عما كتب فأنه يجود بأبوذيه بداية ما يقول .
ولابد لنا ايظاً معرفة قدر مراعاة كتابة هذا البيت إذ انهُ من السهل صياغته ولكنه خطير جداً وقد يكون اخطر من القصيدة في مراعاة صورته وانتقاء مفرداته التي تجعله بيت أبوذية حقيقي وأود أن أختمُ مقالتي ببعض أبيات حديثة العهد أعتقد ستترك أثرها كما تركت اثارها ما كُتبت قبلها :
مالح آني
البخلّ ما وصل يمي - مآ لحاني
وتظل وحدة چلمـــتي - ما الح اني
كريم البصرة أمــــــي - مالح آني
معزب دوم يل تنشد عليه

والكوارث
يشب گلبي بغيابك - والك وارث
ومُلك صرف بمحبتك - والك وارث
خطيتي ونار گلبي - والكوارث
الكـــوارث من يمر الشوگ بيه


للشاعر الشاب - فرقد ألعبادي –


وأخيراً نتمنى لشعرائنا الشعبيين التميز والتألق دوماً في مسيرتهم الإبداعية وكما نتمنى من صميم قلوبنا أن تكون هنالك فرص من الوزارات المعنية بالثقافة أن تهيئ الأجواء للطاقات الشبابية التي لا يمكن أن تذهب طاقاتهم سُدىً لأنهم مُستقبل ثقافة العراق وان تلتفت أنظار المسؤلين إلى هذه القدرات لتطويرها وبلورتها وتنمية الرصيد الثقافي للبلد


زياد لطيف البصراوي

البصرة / 12/12/2007

z.albasrawi@yahoo.com

07801036904